من أوراق مهملة فوق الرفوف قيس المدوخ / مقال للكاتب المبدع محمد راسي / المغرب ............
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
بقلم ذ.محمادي راسي
من أوراق مهملة فوق الرفوف
--------------------------
ليس بقيس بن الخطيم ،ولا بقيس بن ذريح ، ولا بقيس بن زهير، ولا بقيس بن مكشوح ، ولا بمرقسيّ ،أو مرئيّ، أو مرقميّ ، أو امرئيّ ، ولا بقيس بن الملوح العامري المعروف بمجنون ليلي ولا ولا ...إنما هو قيس المدوخ ؛هو مدوخ ومدنخ فعلا ، لأن مجنون ليلى كان حبه عذريا ، ومات ولم يحقق هدفه ، أما المدوخ فمتزوج ،وله شؤون أخرى ، وهو فعلا "مكلخ"، وقد أضناه الحب الذي ليس له دواء .... منذ زمن بعيد ، يحلم بتحقيق أشياء غير ممكنة ، يتفلسف ، يترمنس ، يتسفسط ، يشتاق، يحن ، يمشي الهوينا ، يكر ، يفر ، كأن أم ساهرة لسعته ،أو أم جنيب لدغته ، أو أصابته أم طبق ،أو أم قوب ، أو أم كلواذ ، أو بنات أودك .، أو بنات طبار ، أو بنات طمار ... وأحيانا يلعث ،يلعط ،يلهث ، وأخرى يجنش ،يقدم ،يحجم ، يقف بالرصيف محدقا كأنه يخطط لشيء ، أو يقرأ الفضاء ، كأنه فلكي حاذق ، يزن الجبال كأنه جغرافي لامع ، يضع التصاميم لبنايات كأنه مهندس بارع ، يكرر المشاهد ، يتدرب عليها كأنه نجم سينمائي ساطع ، أو مسرحي فصيح ، أو مفكر مستقبليات لما ستكون عليه هذه المدينة البريئة المنسية ، أو مراقب الشوارع هل هي معبدة أم لا ؟، كأنه أرسل من جهات مختصة ، أو حارس العمارات يراقب الداخل والخارج والحاضر والغائب وما بالمنازل ، أو ناطور الحديقة ، أو شاعر ينظم الأبيات في الغزل من كثرة الشوق والحنين وفي ليلى، كقيس بن الملوح ، لا شيء مما ذكر، إنما هو فعلا قيس المدوخ "المكلخ " ،لأنه تارة يجمخ ، يفحج ، يبيض ،يصفر، يهذو ،يشير ،يلوح ، وأخرى يتفخل كاللبيب العاقل حينما يفضح ،وأخرى يتثيتل ...ولكنه أخف حلما من عصفور .
لقد بالغ في الأعمال الشيطانية ، وأسرف في الإقبال علي الخندريسية و الحشيشية و "القرقوبية "، بسبب توفر الغنيمة الباردة أيام السيبة والغفلة .....، لذلك يظل شاردا تائها ، خارجا عن التغطية ، يلعب في الزمن الضائع ، يغرد خارج السرب ،ولما فضح وافتضح ، استيقظ من غفلته وضلالته ، غاب عن الشارع ،وهجر الرصيف الذي ينزل إليه للترصد والتربص والتجسس ....وكان يعتمد أحيانا على خلانه الأوفياء في الفحش والفسق وإيذاء الجار ، اليوم لا يمكثون بالرصيف ،كما كانوا يفعلون من قبل ، لا أدري ما الذي دهاهم وصدهم ؟، هل دمغتهم المقالات السابقة ...؟..
لكن؛ أراه يعود إلى عادته بطريقة جديدة ، فقد أصبح نادلا يسبق في إحضار الكراسي قبل مسير المقهى بطريقة استراتيجية لجلب الزبن ... وذلك لحاجة في نفس يعقوب ، يسارع إلى الجلوس في المقهى ، ليراقب ثانية الحاضر والغائب والداخل والخارج ، وتلكم خصلة قبيحة ؛ أن تراقب إنسانا تراه وهو لا يراك ، وخصوصا إذا كان جارا مجاورا لك ، وفي هذه الأثناء مسير المقهى يكون نشيطا سعيدا ،لأنه يستفيد من سلوك قيس المدوخ و تشجيعاته ....
. هذا هو قيس المدوخ المفضوح المكشوف ، بل الأبله ، لأنه ينتقل من الوقوف بالرصيف طويلا ، إلى الجلوس في المقهى كثيرا ، ومن الدوخة إلى البلاهة ، بسبب الخندريسية و "التنفيحية "و الحشيشية و "القرقوبية "، وهناك كثير من أمثاله ينهجون هذا النهج ، ولكن ؛ هيهات وهيهان ، يخيلون أنفسهم أبطالا ونجوما ، وهم لا يملكون درهما حلالا ، ولا حرفا مفيدا ، ولا قولا جميلا، ولا فكرا رزينا ، ولا خلقا عظيما ،ولا رصيدا معرفيا ، سيطر عليهم الجهل ، ودوختهم "القرقوبيات "وغيرها ،إلى أن جعلتهم يعيشون في عميق من السبات بضم السين ،طوال السبات بفتح السين ،وخلال ابني سبات تارة ،وتارة أخرى يهيجون كالثيران كما في "الكوريذا " و "سان فيرمين "، يقدمون على فعل الشر و"التشرميل "وهم لا يشعرون ،وما بالكم إذا تناولوا؛ "كانيبال دروغز "الذي يحول الإنسان إلى وحش مفترس قتال ؟؟.
يا قيس المدوخ؛ إن الظلم مرتعه وخيم ، وإيذاء الجار جزاؤه جهنم ، والندم لا ينفع ، والأيام تسير وتدور، والزمن يمر ، لا يعود ولا يرحم ، ينطبق عليك قول الشاعر وهو شاهد في النحو :
كناطح صخرة يوما ليوهنها ////
فلم يضرها ،وأوهى قرنه الوعل .
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تعليقات
إرسال تعليق